السعودية- فلسطين قضية وجود تاريخي، لا مساومة رغم التحديات.

المؤلف: هيلة المشوح10.11.2025
السعودية- فلسطين قضية وجود تاريخي، لا مساومة رغم التحديات.

في خضم الصراعات العنيفة التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، والتي تتجلى في مشاهد الدمار الشامل في غزة، تستحضر الذاكرة العربية فاجعة النكبة، إحدى أكبر المآسي الإنسانية والسياسية في القرن الماضي. أدت هذه النكبة إلى تهجير قسري لما يقارب 750 ألف فلسطيني من ديارهم عام 1948، تحت وطأة القصف الوحشي للدبابات ونيران الآلة العسكرية الإسرائيلية، بالإضافة إلى المجازر المروعة التي ارتُكبت آنذاك، وتوسيع نطاق الاستيطان الإسرائيلي، مما أدى إلى نزوح جماعي للفلسطينيين نحو الدول المجاورة. وفي خضم هذه الظروف العصيبة، نرى التاريخ يعيد نفسه، ونشهد ذات المشهد الكارثي والخطة الجهنمية تتكرر، مع تهديدات إسرائيلية وأمريكية جلية بتهجير سكان غزة، ورسالة سافرة لابتلاع ما تبقى من الأراضي الفلسطينية المحتلة!

منذ اللحظات الأولى للأحداث المأساوية في غزة - بل وقبل عام من الآن - كانت البيانات الرسمية الصادرة عن المملكة العربية السعودية تتوالى، لتؤكد بشكل قاطع أنه لا يوجد حل مقبول لدى المملكة والدول العربية يتجاهل العودة إلى قرار مجلس الأمن رقم 242 الصادر عقب حرب عام 1967، والذي يدعو إلى حل الدولتين. هذا الموقف السعودي ثابت وراسخ، لم تتزعزع عنه المملكة قيد أنملة، حتى وإن تعارض مع مصالحها القومية. ففلسطين بالنسبة للمملكة قضية مصيرية تاريخية، وقضية لا تقبل المساومة أو المزايدة تحت أي ظرف من الظروف، سواء كانت ضغوطًا سياسية أو اقتصادية!

لقد عبّرت المملكة العربية السعودية عن استنكارها الشديد ورفضها المطلق لتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة بشأن تهجير سكان غزة من أراضيهم. وأكدت وزارة الخارجية السعودية في بيانها الرسمي الصادر في التاسع من شهر فبراير الجاري أن هذه التصريحات المغرضة تهدف بشكل سافر إلى تحويل الأنظار عن الجرائم المتواصلة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين الأبرياء في غزة، بما في ذلك عمليات التطهير العرقي البغيضة. وأضاف البيان أن هذه العقلية المتطرفة تتجاهل بشكل صارخ الارتباط الوثيق والعميق والراسخ للشعب الفلسطيني بأرضه، وأنه شعب أصيل صاحب حق تاريخي وقانوني في أرضه، وليسوا مجرد دخلاء أو مهاجرين. كما ندّد البيان بالتدمير المريع والشامل لقطاع غزة، وعمليات القتل والدمار التي تجري دون أدنى شعور إنساني أو مسؤولية أخلاقية. وجاء هذا البيان القوي بعد ثلاثة أيام فقط من تأكيد وزارة الخارجية السعودية على أن موقف المملكة الثابت والراسخ تجاه إقامة دولة فلسطينية مستقلة لا يقبل التزعزع، مشددة على أنه لا يمكن إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل قبل تحقيق هذا الهدف النبيل.

تدرك المملكة العربية السعودية تمام الإدراك أنها تواجه مسؤولية تاريخية عظيمة، ومنعطفًا سياسيًا بالغ الخطورة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. هذا الموقف يتطلب بذل جهود مضنية لوقف هذا التيار السياسي الجارف الذي يهدد القضية الفلسطينية، والتي التزمت بها المملكة التزامًا قاطعًا منذ عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه- وحتى اللحظة الراهنة التي يقودها بحكمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بمواقف صلبة لا تقبل المساومة السياسية ولا التهديدات الاقتصادية... والتاريخ هو خير شاهد على ذلك!

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة